سورة الأنعام - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)} [الأنعام: 6/ 54- 55].
نزلت هاتان الآيتان- في رأي جمهور المفسّرين- في القوم الذين طلب المشركون طردهم من مجلس النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم حتى يؤمنوا ويتفرّدوا بالجلوس، فنهى اللّه عزّ وجلّ عن طردهم، وضمّ إلى ذلك النهي الأمر بأن يسلّم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم عليهم ويؤنسهم.
قال عكرمة: نزلت في الذين نهى اللّه تعالى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن طردهم، فكان إذا رآهم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم بدأهم بالسلام، وقال: «الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أبدأهم بالسّلام».
وقال الفضيل بن عياض: قال قوم للنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم: إنا قد أصبنا ذنوبا فاستغفر لنا، فأعرض عنهم، فنزلت الآية: {وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا}.
والمعنى: وإذا جاءك أيها الرسول الذين يؤمنون بالله ورسله، ويصدقون بكتبه تصديقا قلبيّا وعمليّا، ويؤمنون بآيات القرآن وعلامات النّبوة كلها، فقل لهم: أمان لكم من عذاب اللّه في الدنيا والآخرة لأن اللّه سبحانه أوجب على نفسه الكريمة الرحمة بعباده، تفضّلا منه وإحسانا وامتنانا، فهو واسع الفضل والمغفرة، يغفر الذنوب بعد التوبة، ويعفو عن السّيئات بالحسنات.
جاء في الصحيحين وفي مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إن اللّه تبارك وتعالى كتب كتابا، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي».
فمن ارتكب منكم ذنبا أو خطيئة بجهالة كغضب شديد، أو شهوة جامحة، وخفة عارمة، وطيش بيّن، ثم تاب إلى اللّه وندم على ذلك الذنب، وصمّم على عدم العودة إلى المعصية في المستقبل، وأصلح عمله، فالله يغفر له ذنبه، لأنه واسع المغفرة والرحمة، ونظير هذه الآية الدّالة على غفران السيئات الواقعة عن جهالة قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النّساء: 4/ 17]. قال بعض السّلف: «كل من عصى اللّه فهو جاهل» وقال مجاهد: «من الجهالة:
ألا يعلم حلالا من حرام، ومن جهالته أن يركب الأمر». والجهل الذي هو ضدّ العلم يعذر به المرء في الذنوب الخفيفة، ولا يعذر به في الذنوب الكبائر كالشّرك بالله وعقوق الوالدين وأكل الرّبا وأكل مال اليتيم.
والتّوبة: الرجوع، وصحتها مشروطة باستدامة الإصلاح بعدها في الشيء الذي تيب منه، والإصلاح يكون بشروط أربعة: النّدم الحقيقي على الذنب، والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، وردّ المظالم إلى أهلها، وإتباعها بالعمل الصالح. وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة: {ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
ثم وضع القرآن الكريم قاعدة عامة في البيان: وهي أنه سبحانه يبين لعباده بيانا بديعا كل ما يتعلق بدلائل التوحيد والنّبوة والقضاء والقدر، ومثل ذلك التبيان والتفصيل يفصل الآيات كلها، ويوضح حقائق الشريعة، ليهتدي بها العقلاء، ويعرف الحق من الباطل، ويتّضح للمؤمنين طريق المجرمين، وإذا اتّضح سبيلهم كان كل ما عداه وما خالفه هو سبيل المؤمنين، لأنه متى استبانت طريقة المجرمين المنحرفين عن الهدي الإلهي، فقد استبانت طريقة أهل الحق والإيمان أيضا لا محالة، إذ لا وسيط بين الحق والباطل.
وهل يتأمل الناس من ربّهم غير البيان والتفصيل، فذلك غاية الفضل والإحسان، ومنتهى الرحمة والإعذار؟ ولا يبقى أمام الإنسان بما أوتي من عقل وخبرة وترجيح للمصلحة على المفسدة، إلا أن يختار طريق الخير ويتجنّب سبيل الشّر لأن فعل الخير أمان وسلام، وعافية واطمئنان، وفعل الشّر ضلال وخسران.
حسم الموقف مع المشركين:
تستمر محاولات الإصلاح عادة بين المصلحين وأقوامهم، وقد صبر الأنبياء كثيرا صبرا طويلا في سبيل هداية أقوامهم وإصلاحهم، ولكن لا يعقل أن تظلّ الأمور سائرة من غير حسم، فلا بدّ في النهاية من اتّخاذ موقف حاسم، تتبلور به الأحوال، ويتبين للأجيال ضرورة العمل على سلوك طريق الحق، وترك طريق الشّر، وهذا المنهج هو ما عبّر عنه القرآن الكريم بين النّبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وقومه المشركين في الآيات الآتية:


{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ (57) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)} [الأنعام: 6/ 56- 58].
نزلت آية: {قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي}. في النّضر بن الحارث ورؤساء قريش، كانوا يقولون: يا محمد، ائتنا بالعذاب الذي تعدنا به استهزاء منهم، فنزلت هذه الآية.
أمر اللّه تبارك وتعالى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يجاهر قومه بالتّبري مما هم فيه، والمعنى: قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين: إني نهيت من ربّي ومنعت من عبادة ما تدعونهم وتطلبون منهم الخير ودفع الضّر، من صنم أو وثن أو عبد صالح مهما كان شأنه، أو ملك من الملائكة، لقد حجزت أو صرفت عن هذا كله بالآيات القرآنية والأدلة العقلية والحسّية، فألوهيّة غير اللّه وعبادتهم باطلة بأبسط فكرة وأدنى تأمّل.
إني لا أتّبع أهواءكم أو شهواتكم في سلوك طريقتكم القائمة على اتّباع الهوى دون اتّباع الدليل، وليس لكم إلا تقليد الآباء ووراثة الأسلاف من غير بصيرة كما تصرّحون: {إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزّخرف: 43/ 23]. إني إن اتبعت أهواءكم فأنا ضالّ، وما أنا من الحق والهدى على شيء، وفي هذا تبيان بأنهم ليسوا من الهداية في شيء، وليسوا في اعتقادهم على بصيرة.
فإن عبادة غير اللّه ضلال وشرك، يترفّع عنها العقلاء، وعبادة اللّه تدلّ عليها الحجة البالغة والبرهان الواضح، ويرشد إليها الفكر الصحيح.
قل لهم أيها النّبي: إني على أمر بيّن، وإني فيما أخالفكم فيه على بصيرة من شرع اللّه الذي أوحاه إلي، وعلى حجة واضحة، وهو هذا القرآن المعجزة الخالدة على صدق اتجاهي ومنهجي، فهو كلام اللّه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أما أنتم أيها المشركون فقد كذّبتم بالقرآن وكفرتم بالرحمن، ورفضتم الحقّ الذي جاءني من عند اللّه، واتّبعتم الشيطان، والهوى والضلال، وقلّدتم الآباء من غير روية ولا تفكير.
وليس الأمر بيدي كما تتوهمون، وليس عندي الذي تستعجلون به وهو العذاب، فلا أقدر على إنزاله بكم، وما الحكم الفاصل والقضاء المبرم إلا لله، إليه يرجع الأمر كله، إن شاء عجّل لكم ما سألتم من العذاب، وإن شاء أجّلكم إلى أجل معين بمقتضى علمه ومشيئته وحكمته العظيمة: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ} [الرّعد: 13/ 8].
واللّه يقضي بالحق، ويقصّ على رسوله القصص الحق في وعده ووعيده وجميع أخباره، وهو خير الفاصلين، أي خير الحاكمين الذين يفصلون في القضايا بين عباده، وينفذ أمره متى شاء إصدار الحكم العادل.
قل لهم أيها النّبي: لو كان عندي ما تستعجلون به من نزول العذاب، ولو كان بمقدوري إيقاع العذاب بكم، لأوقعته عليكم، ولتمّ فصل القضاء بيني وبينكم، واللّه قد وعدني النصر، ووعد اللّه حق منجز، واللّه تعالى أعلم بالظالمين الكافرين الذين لا أمل في صلاحهم ورجوعهم إلى الحق والإيمان، والصلاح والاستقامة، فيكون إنزال العذاب بيده تعالى لا بيدي، واللّه أعلم كيف يعاقب، ومتى يعاقب، وعلى أي نحو يجازي، قال اللّه سبحانه: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (34)} [الأعراف: 7/ 34].
عالم الغيب:
يتأثّر الإنسان عادة بما هو مشاهد محسوس أمامه، ويهمل أو يتناسى مغيبات الأمور، سواء في الماضي أو في المستقبل، وهذا دليل على نقص علم الإنسان، وبرهان واضح على كمال علم اللّه تعالى واطّلاعه على كلّ شيء صغير أو كبير، وعلم الغيب مقصور على اللّه تعالى، لا يستطيع أحد من العقلاء ادّعاء العلم بالغيب لأن الواقع يكذّبه، وقد تورّط بعض السّذّج والجهلة، فادّعوا معرفتهم بالغيبيات، فجاءت الأحداث والوقائع مكذّبة لهم، مما أثبت للناس صدق ما أخبر به القرآن من حصر الغيب بالله، والتأكد من صحة الوحي والنّبوّة التي هي طريق الإخبار عن عالم الغيب، قال اللّه تعالى:


{وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (59) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (62)} [الأنعام: 6/ 59- 62].
اختصّ اللّه تعالى بالعلم بمغيبات الأمور، فهو سبحانه عنده خزائن الغيب ومفاتيحها، وهذه استعارة، عبارة عن التوصل إلى الغيوب، كما يتوصل في الأشياء المشاهدة بالمفتاح إلى المغيب عن الإنسان، وهو سبحانه عالم الغيب والشهادة، أي عالم الخفيات والمحسوسات المرئية، ولا يعلم بالغيب أحد سواه.
والغيبيات التي اختصّ اللّه بها خمس، وهي مذكورة في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)} [لقمان: 31/ 34].
ويعلم سبحانه حديث النفس، ويعلم السّر وأخفى، ويعلم دقائق الأشياء المشاهدة للبشر، كما يعلم الغيبيات، فيعلم كل ما هو كائن في البر والبحر، ويعلم سقوط أي ورقة من أوراق الشجر في أي مكان وزمان، سواء في البر أو في البحر، ويعلم ما تسقط من حبّة في ظلمات الأرض وأعماقها، سواء بفعل الإنسان كالزارع، أو بفعل الحيوان كالنّمل، أو بغير فعل الإنسان كالساقط من النبات في شقوق الأرض، ويعلم ما يسقط من الثمار الرطبة أو اليابسة، الحية أو الميتة، فعلم الكائنات كلها ثابت مستقر في كتاب واضح هو اللوح المحفوظ.
وينضم إلى علم اللّه الشامل قدرة اللّه التامة على الإحياء والإماتة، والبعث والحشر، والمثل المشاهد للبعث من القبور: مسألة النوم واليقظة، فذلك إماتة وبعث على نحو ما، فالله هو الذي يتوفاكم توفّيا أصغر بالنوم كل ليلة، ويعلم كل ما كسبتم أو عملتم أيها الناس من الأعمال بالنهار، في حال السكون وحال الحركة، ثم بعد التّوفّي بالنّوم والعلم بالأعمال في النهار، يبعثكم في النهار، أي يرسلكم ويوقظكم فيه، وهذا التّقلّب في الليل والنّهار لأجل أن يقضى وينفذ الأجل المسمّى الذي علمه اللّه تعالى لكل واحد منكم، فإن الآجال والأعمار محدودة ومقدرة، مكتوبة سابقا.
ثم إلى اللّه مرجعكم يوم القيامة بعد تمام الآجال، ثم يخبركم بأعمالكم التي قمتم بها في الدنيا، ويجازيكم عليها، إن خيرا فخير، وإن شرّا فشرّ.
واللّه هو الذي يقهر كل شيء، ويخضع لعظمته وجلاله وكبريائه كل شيء، وهو القادر على بعث الأجساد والأرواح لأن من قدر على بعث من توفّي بالنوم قادر على بعث من توفّي بالموت، وهو المتصرّف بعباده، يفعل ما يشاء، إيجادا وإعداما، وإحياء وإماتة. ويرسل اللّه الملائكة الكرام الموكلين بكتب الأعمال، في الليل والنهار، يحفظون بدن الإنسان، ويحصون أعماله، ولا يفرطون بشيء منها. وكتابة الملائكة الحفظة أعمال الإنسان من أجل الإتيان بدليل مادّي محسوس، لإقامة الحجة على الإنسان.
فإذا حان أجل الإنسان، قبضت روحه الرّسل الموكلون بذلك من الملائكة، حال كونهم غير مقصّرين في حفظ أرواح الموتى، بل يحفظونها حيث شاء اللّه تعالى، ثم يرد هؤلاء الذين تتوفاهم الرّسل إلى حكم اللّه وجزائه، واللّه هو مولى الناس ومالكهم الذي يلي أمورهم، له وحده سبحانه الحكم يوم القيامة، لا حكم فيه لغيره، ولا رادّ لقضائه، ولا معقّب لحكمه، وهو أسرع الحاسبين، يحاسب الكل في أسرع وقت وأقصره، ولا يشغله حساب عن حساب.
بعض مظاهر القدرة الإلهيّة:
اقتضت رحمة اللّه بعباده أن يعدّد لهم في مناسبات مختلفة بعض مظاهر قدرته ليرشدهم إلى الإيمان به لأنه القادر الرازق المنجي والمنتقم، وذلك سواء في حالات الشّدة والأزمة ليعرفهم من بيده الأمر المطلق، أو في حال التهديد والوعيد بالعذاب حين تكذيبهم برسالات الرّسل وانحرافهم عن طريق الاستقامة وانغماسهم في حمأة الرّذيلة والضّلالة، ومن هذه المظاهر قوله تعالى:

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9